
على خطى ولد كيجة "النصراني" الطريق الى تمبكت ،جمع وترجمة وصياغة الفذ محمد فال ولد سيدي ميله، الذي أعاد ترميم قصاصات أوراق المغامر الفرنسي، ريني كاي المتناثرة، وفي الهوامش الغنية بالمعلومات المضغوطة يغوص في أعماق نفسية الكاتب المشبعة بالحقد والازدراء لمجتمع البيظان في المجال البركني خاصة خيم الأمير البركني أحمدُّ والشيخ سيد المختار الإيجيجبي الذين لم يمنعهما الحذر وعدم تصديق سردية اسلامه ورغبته في تعلم امر دينه ولغة تعبده من ايوائه ومساعدته.
كشف المترجم زيف اسطورة" وبطلت باقتداء بمن بان كافرا " فلم يكن ولد كيجة يدري ما الكتاب ولا الإيمان الإسلامي ولا لغتهما، فقد ظل مخلصا لعقيدته رغم حبك تمثيلة شغفه واعتناقه للإسلام لتصل التمثيلية ذروتها بتزوير نسب شريفي في ادغال افريقيا لتنطلي الكذبة على مسلميها السود المعظمين للإسلام ولنبيه الذي ينحدر هذا الشاب الناصع البياض اكثر من"العرب" البيظان من سلالته الباحث عن اسرته الإسكندرية" التي سرقه "نصراني فرنسي منها" وهو الآن في طريق العودة اليهم وفي طريق الحجج الذي زاده تعظيما في النفوس.
ظل الشك في تمثيلة اسلامه هو الثابت عند البيظان من لبراكنة الى جل من التقى من تجارهم في أعماق ما بعد السفانا في السراليون، وروافد انهار بلاد فوتا جلو وغابات بلاد المنداغا، ومقاطع نهر "جوليبا" المطرة من أرض البمبارا ومملكة ماسينا شديدة الالتزام بالإسلام، قبل مقاطعه التي تحمل "اسم نهر النيجر" عند أمم أخرى مصاقبة لمدينة تنبكت التي يمثل الوصول لها امنيته الوحيدة لدخول باب تاريخ الاستكشاف باعتباره الاوروبي الأول الذي حط بمدينة الأبواب الذهبية، وصول إن نجح سينتشله من فقر رافق اسرته التي مات أبوها في السجن بتهمة السرقة من شدة الفقر.
غطت الرحلة مساحات شاسعة من بلاد لبراكنة الى السراليون الحالية وما بينها وبين تمبكت شمالا من شعوب وممالك زنجية مزجت بين الإسلام والوثنية وتجارة البشر والذهب وسلع الملح، ليسدل الستارة على رحلة هذا المغامر التي اعطتها ترجمة محمد فال ولد سيدي ميلة بأسلوبه الساحر البديع نكهة مزجت بين غيرة مسلم عميق الإيمان بتصحيحات لمبالغات المغامر الحاقدة على دينه وبني جلدته في هامش الترجمة دون المساس بالنص، وبين طرافة لا تخلوا من رتوش "محصرية".