
وأَفجع من فقدنا من وجدنا قبيل الفقد مفقود المثال
*
ناح الحرف، مدادا : حرقة الفقد ولوعة الفراق، وانهمرت مآقي رفيع الأدب، حسرة على قريحة الألق وعسل الإلهام ؛
على جسر عقوده السبعة، تفتقت براعم الإبداع واستلت من عبقريته جمال الحرف وبهاء الحضور، مرصعا دفاتر الشعر، بقصيدة تسلقت الموت وأعفت وفاة لذيذ الشعر، ليمكث، راويا ملاحم الكرامة والكبرياء؛ بعد إغفاء رجل حاز تراث الفضل ووجه الكرامة في ثورة مستمرة ضد الضحالة والهوان؛ وكِتش الدمقرطة الاجتماعية.
احتسى رغوة يقين الصحراء، في بيت يتحدث أهله شعرا، ومضى مبحرا فوق تلاطم المعارف والفنون، بلغات الحضارة، في تنميق خرافي لنصوصه، في جيئة وذهاب بين لغات العقل و صواب الفكر، موزعا بسخاء أفكارا حداثية، لحظة اعتكاف في صومعة الشعر و بذخ البيان.
لم يشغله تعليم لغة موليير في ريف وقرى ومدن موريتانيا، عن جمع أشعار العرب، والتفرغ لمسؤوليات سياسية وحكومية سامية، تمكن خلالها من إعادة روح المعرفة للمكتبات العمومية ومباشرة الإشراف على تنقيح وتفعيل المناهج التربوية.
تكفل لسبع سمان بصياغة وتنفيذ الاستراتيجيات الثقافية، ممسكا في الوقت ذاته بملفات الدبلوماسية الثقافية لتمثيل موريتانيا في المحافل الدولية عبر منابر التراث والفنون، مسهما بشكل كبير في التعريف بإمارات الصحراء وتأريخ أمجادها والتعريف بأعلامها، شعرا لا يمل ولا ينتهي.
توجت أبحاثه الأدبية بظفر الأمة الموريتانية والتعريف بتراثها، و إعلان الشعر الملحمي " اتهيدين "، من طرف اليونسكو " تراثا عالميا"، يكرس المثل العليا وحاميا للمنظومة الأخلاقية. تكفل، على مدى عقود عدة بتأليف المحتويات الفنية المحرضة ضد الجهل والبغضاء والتفرقة، الممجدة للوطن و العلم؛ في تسخير ملحمي لقوة الكلمات وموسيقى اللغة ونبل المعاني.
استفاد كبار الباحثين في الغرب من معارفه الوافرة حول مجتمعات الصحراء الكبرى. كسر طوق الإلاكة، مقتحما عالم التأليف في الأدب والتاريخ والتربية، بعد أدواره التاريخية في ميلاد صحافة حرة ومهنية، عبر مواكبة مرجعية في فنون التحرير وتقنيات الصياغة والترجمة والتكوين والنقد؛ على درب العلياء، ألف أفئدة، منتزعا بقوة الكياسة وهدوء العبقرية، شغف، أهل العلم وأصحاب الذوق، المعدمين والمترفين، العامة والباحثين، النخب وأهل النفوذ والسلطان، النخوة وما يليق. تقبل الله، بإذنه تعالى، محمد بن أحمد آل الميداح، في أعالي الفردوس، إنا لله وإنا إليه راجعون.
عبد الله حرمة الله